جريمة القتل العمد

 
محكمة النقض المصرية - أحكام النقض

قضت محكمة النقض بأن :-
" لما كانت واقعة الدعوى كما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من الأوراق تتحصل بما مفاده أن مشادة نشبت بين المتهم الثاني / ..... وبين المتهم الأول " الطاعن " ..... وأمسك الأول بالثاني وألقاه أرضاً ثم جثم عليه ثم حدثت مشاجرة بين العائلتين على مقربة من منزلهم فأسرع المتهم الماثل بالانضمام إليهم ففوجئ بقيام المتهمين الثاني والثالث بالتعدي عليه بالضرب مستخدمين " أسلحة بيضاء وشوماً " مما كان منه إلا أن أطلق أعيرة نارية من مسدسه المرخص فأحدث إصابة المجني عليه / ..... والتي أودت بحياته ثم أطلق عياراً نارياً آخر صوب زوجة القتيل / ..... فلقت حتفها في الحال ثم أتبع ذلك إطلاق أعيرة نارية على كل من / ..... و ..... قاصداً من ذلك قتلهما ولكن خاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادة المتهم وهو مداركة المجني عليهما بالعلاج ، ومن حيث إن الواقعة على النحو السالف بيانه قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم " الطاعن " من شهادة كل من / ..... و ..... والرائد / ..... والرائد / ..... ومن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، وإذ سئل كل من ..... و ..... بالتحقيقات فقررا بأنه حال مرورهما من أمام مسكن المتهمين الثاني والثالث فوجئا بقيامهما ووالديهما بالتعدي بالضرب عليهما مستخدمين الأسلحة البيضاء قاصدين قتلهما وأثناء ذلك حضر الطاعن فقاموا بالتعدي عليه والضرب بالشوم مما كان منه إلا أن أطلق عليهم عدة أعيرة نارية من سلاحه المرخص فأحدث إصاباتهم والتي أودت بحياة المجني عليهم ، وإذ شهد الرائد / ..... معاون مباحث ..... بأن تحرياته السرية أكدت ما شهد به الشاهدان سالفا الذكر وما قرره المتهم الأول بالتحقيقات . وإذ شهد الرائد / ..... رئيس مباحث ..... بأنه قام بضبط سلاح ناري " فرد خرطوش " بإرشاد المتهم الرابع ، وبسؤال المتهم / ..... قرر أنه توجه ناحية المشاجرة فوجد شقيقيه متعدى عليهما ثم فوجئ بالمجني عليه الأول والمتهمين الثاني والثالث بالتعدي عليه ، فما كان منه إلا أنه قام بإطلاقه الأعيرة النارية من السلاح الناري المستخدم في الحادث صوب المجني عليهم قاصداً من ذلك قتلهم ، وقد أورى تقرير الصفة التشريحية أن وفاة ..... و ..... تعود للإصابة النارية بكل منهما وما صاحب ذلك من نزيف دموي غزير أدى لحدوث هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية وأن إصابة المجني عليهما جائزة الحدوث من مثل السلاح المضبوط " طبنجة عيار9 مم مششخنة " ، وحيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، ولما كانت المحكمة تطمئن إلى توافر نية القتل في حق المتهم من استعمال المتهم أداة قاتلة بطبيعتها طبنجة وإطلاقه الأعيرة النارية المتكررة منه متعمداً صوب المجني عليهم في مقتل من جسدهم ، كما أنه سبق وأن حدثت معه مشاجرة سابقة مع المتهم الثاني مما أثار حفيظته وأوغر صدره بقتل المجني عليهما والشروع في قتل الآخرين . وحيث إن المتهم قارف جناية قتل المجني عليهما الأول والثاني ثم أتبع ذلك بجناية الشروع في قتل المجني عليهما الثالث والرابع بأفعال مستقلة عن الجناية الأولى وقد ارتكبت هذه الجنايات في فترة قصيرة من الزمن وفي مسرح واحد بما يتحقق به معنى الاقتران ، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/2 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه ، ومن ثم يتوافر في حق المتهم جريمة القتل العمد المقترن بجنايتي القتل والشروع في القتل ، ومن حيث إنه وتأسيساً على ما تقدم يكون قد ثبت في يقين المحكمة على سبيل الجزم أن ..... في يوم ..... بدائرة مركز ..... محافظة ..... قتل عمداً / ..... بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى وهي أنه في ذات الزمان والمكان قتل عمداً / ..... بأن أطلق عليها عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها كما شرع في قتل كلٌ من / ..... و ..... بأن أطلق عليهما أعيرة نارية مما أحدث بهما الإصابات الموصوفة بالأوراق وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتهما بالعلاج ويتعين عقابه بالمواد 45 ، 46 ، 234/2 من قانون العقوبات والمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان البحث في تجاوز حدود الدفاع الشرعي لا يكون إلا بعد نشوء الحق وقيامه وكان من المقرر - أيضاً - أن الدفاع الشرعي هو استعمال القوة اللازمة لرد الاعتداء وتقدير التناسب بين تلك القوة وبين الاعتداء الذي يهدد المدافع لتقرير ما إذا كان المدافع قد التزم حدود الدفاع الشرعي ، فلا جريمة فيما أتاه طبقاً لنص المادة 245 من قانون العقوبات أم أنه تعدى حدوده بنية سليمة ، ومقتضى شرط النية السليمة أن يكون قصد الجاني منصرفاً إلى الدفاع فلا يعد معذوراً إذا قصد النيل لذاته ، وتحديد ما إذا كان المتجاوز ذو النية السليمة جدير بالتخفيف الذي تقرره المادة 251 من قانون العقوبات أم يكفي في شأنه التخفيف الذي تقرره المادة 17 من القانون السالف ، وهو من الأمور الموضوعية البحتة التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها - وفق الوقائع المعروضة عليها وخاصة ما تعلق بمقدار التجاوز - بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، كما أن مقتضى تجاوز حدود الدفاع الشرعي هو ألا يكون المدافع قد تعمد إحداث ضررٍ أشد مما يستلزمه الدفاع بما مفاده أن يكون المدافع مدركاً جسامة الخطر وفي وسعه رده بفعل متناسب معه ولكنه فضل اللجوء إلى قوة تزيد على ذلك ومن ثم يكون بذلك مسئولاً مسئولية عمدية كاملة ، كما أن أثـر توافـر عذر تجاوز حدود الدفاع الشرعي فإن القانون يقرر تخفيف عقاب المدافـع فيجوز للقاضي أن يحكم عليه بالحبس بدلاً من العقوبة المقررة في القانون والتخفيف الذي يقرره القانون جوازي ، فإذا قدر القاضي أن المتهم غير جدير به فله أن يحكم بالعقوبة العادية المقررة للجريمة ، وإن رأى جدارته بالتخفيف فله أن يطبق المادة 17 من قانون العقوبات ، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم بيانه أن الطاعن استخدم سلاحه الناري ولم يطلق عياراً نارياً في الهواء للإرهاب بل أطلق وابلاً من الطلقات النارية على المجني عليهم والتي أودت بحياة اثنين من المجني عليهم ثم استمر في إجرامه حتى شرع في قتل آخرين وكان ذلك لرد الاعتداء الواقع عليه من أفراد فريق المجني عليه والمتمثـل في ضربه بالشوم ، ومن ثم فإن ما اقترفه الطاعن من فعل رد الاعتداء لم يكن ليتناسب مع هذا الاعتداء بل إنه زاد عن الحد الضروري والقدر اللازم لرده فلا يعد معذوراً في جرمه ، لأنه بالغ فيما وقع منه من اعتداء متوالي على المجني عليهم مبالغة لم يكن لها مبرر مقبول وغير جدير بالتخفيف الذي يقـرره القانون في المادة 251 من قانون العقوبات ، مما يتعين عقابه بالمواد سالفة البيان ، إلا أن المحكمة وهي بصدد تقديـر العقاب الذي يتناسب مع ما اقترفه الطاعن ترى من ظروف الدعوى وملابساتها ما يدعوها إلى النزول بالعقوبة في نطاق ما تقرره المادة 17 من قانون العقوبات ، وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فترى المحكمة إلزام الطاعن بها عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية . "
( نقض جنائي - الطعن رقم 6796 لسنة 82 ق - جلسة 5/2/2014 )

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال