إذا أسلم أحد الزوجين وكان بينهما ولد صغير تبعه ذلك الصغير



إذا أسلم أحد الزوجين وكان بينهما ولد صغير تبعه ذلك الصغير
إذا أسلم أحد الزوجين وكان بينهما ولد صغير أو ولد لهما ولد قبل عرض الإسلام علي الآخر أو بعده فإنه يتبع من أسلم منهما إن كان الولد مقيما في دار الإسلام سواء كان من أسلم من أبويه مقيما بها أو في غيرها ,  فإن لم يكن مقيماً في دار الإسلام فلا يتبع من أسلم من أبويه في دار الإسلام أو في غيرها . وجاء بفتوي لفضيلة المفتي الشيخ محمد بخيت عندما سئُل عن " نزاع واقع في حضانة الأولاد المولودين من أبوين مسيحيين اعتنقت أمهاتهم الدين الإسلامي وحصل أهلهم المسيحيون (الأب أو الجد أو العم) علي أحكام من المجالس الملية التابعون هم لها بالكيفية المبينة في المذكرات ." فأجاب أنه " بخصوص مسائل النزاع الواقع في حضانة الأولاد المولودين من أبوين مسيحيين اعتنقت أمهاتهم الدين الإسلامي وحصل أهلهم المسيحيون علي أحكام من المجالس الملية التابعون هم لها وعلي صورة ترجمة مذكرة قسم القضايا 13951 المرفق به أيضاً المشتملة علي رأيه في هذا الموضوع ويراد إبداء رأينا في هذه المسائل فتبين أن :
 القضية الأولي يتلخص موضوعها في امرأة تدعي ماري تابعة للطائفة الإنجيلية وهي أرملة غبريال أفندي عوض المسيحي البروتستانتي اعتنقت الدين الإسلامي في سنة 1916 بعد وفاة زوجها وتزوجت في نفس الوقت رياض شحاتة زوج أختها الذي أسلم هو أيضاً ولها من زوجها الأول بنت اسمها روزه عمرها الآن ست سنوات وهي باقية بطرفها بعد زواجها الثاني وقد حصل يوسف أفندي عوض والد الزوج الأول والجد الصحيح للبنت القاصرة علي حكم من مجلس الطائفة البروتستانية بمصر بتاريخ 13 إبريل سنة 1917 قضي له بحضانة الطفلة المذكورة وقد بني الحكم علي المادة (34) من قانون الأحوال الشخصية البروتستانتي الذي ينص علي أن الأرملة إذا تزوجت تكون الولاية للجد . والسيدة ماري المذكورة ترفض التخلي عن ابنتها بدون حكم من المحكمة الشرعية التابعة لها الآن إستناداً علي أن ابنتها تبعتها في الإسلام كما هو منصوص عليه .
 وأن القضية الثانية يتلخص موضوعها في سيدة قبطية أرثوذكسية في الأصل تدعي فهيمة تزوجت بالمدعو بقطر إسرائيل القبطي الأرثوذكسي وله منها ولدان أحدهما مرقص وعمره خمس عشرة سنة والآخر نسيم وعمره سبع سنوات وقد تركت السيدة المذكورة زوجها وأسلمت واستبقت ولديها لديها والزوج بقطر إسرائيل المذكور رفع الأمر إلي المجلس الملي للطائفة القبطية وحصل علي حكم بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1916 قضي له باستلام الولدين وظاهر من الحكم أن المجلس كلفها بالحضور وامتنعت بدعوي كونها مسلمة ولما طلب المحكوم له من محافظة مصر تنفيذ الحكم المذكور أرسلت المحافظة الأوراق إلي الوزارة ولفتت نظرها إلي أحكام المادتين  (129 ، 130) من قانون الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية .
وفي القضية الثالثة يتلخص موضوعها في سيدة قبطية أرثوذكسية في الأصل وتدعي رحمة إبراهيم عطاالله كانت تزوجت بصليب عبد الملك القبطي الأرثوذكسي ورزقت منه بولد يدعي زكي صليب يبلغ الآن من العمر 14 سنة وبعد وفاة زوجها اعتنقت الديانة الإسلامية وبقي الولد في حضانتها من أربع سنين تقريباً توفيت وهي مسلمة والولد من ذلك التاريخ موجود عند خاله المسلماني الذي كان قبطياً وأسلم هو كذلك فعم الولد المسمي مسيحه عبد الملك قد حصل من المجلس القبطي في شبين الكوم علي حكم بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1916  يقضي له باستلام الولد ولكن الخال والولد نفسه علي ما يظهر يرفضان الحكم المذكور محتجين بأن الولد يريد اتباع الديانة الإسلامية والبقاء تحت وصاية خاله المسلم وأن الولد المذكور قدم طلباً بإثبات إسلامه شرعاً ثم تحول الطالب للمحكمة الشرعية فأثبت إسلامه .
 وأن القضية الرابعة يتلخص موضوعها في سيدة تسمي دولت بنت حبيب أفندي بطرس تابعة للأقباط الأرثوذكس ومقيمة بمصر ومتزوجة ببشارة أفندي دوس القبطي الأرثوذكسي الموظف بمصلحة أقسام الحدود وله منها بنتان صغيرتان وكان رفع عليها دعوي بالمجلس الملي مدعياً شذوذها وسلوكها سلوكاً معيباً أثناء غيبته بالسودان وطلب فصل الزوجة وتسليمه بنتيه لتكونا في حضانة والدته وفي أثناء سير الدعوي اعتنقت الزوجة الدين الإسلامي وثبت إسلامها وبعد ذلك حكم المجلس الملي بالفصل بين الزوجين وبضم بنتيهما إلي حضانة جدتهما لوالدهما ثم قدمت عريضة للوزارة من الزوج يقول فيها بأن زوجته المذكورة دخلت في فرقة الممثلات في جوق باسكندرية وطردت منه لسوء سلوكها ثم عادت لمصر ودخلت في جوق آخر وأنه رآها بعينه تمثل علي المراسح الأمر المنافي لآداب العائلات المصرية ويطلب تنفيذ حكم المجلس الملي المذكور لإنقاذ بنتيه من التربية الفاسدة .
 وأن القضية الخامسة يتلخص موضوعها في امرأة قبطية أرثوذكسية تدعي جميانة بنت إبراهيم تزوجت بمرقص إبراهيم ولها منه ولد عمره الآن يزيد علي سبع سنوات اعتنقت الدين الإسلامي في 11 ديسمبر سنة 1916 واستبقت أبنها لديها فرفع الزوج دعوي ضدها أمام المجلس الملي واستصدر حكماً نهائياً بتاريخ 19 مايو سنة 1913 بفصلها عنه وتسليمه ولده المذكور إلي آخر ما جاء بالمذكرة . ونفيد أن الحكم الشرعي في المواد الخمس المذكورة وما يماثلها علي وجوه :- (أولاً) إذا أسلم أحد الزوجين وكان بينهما ولد صغير أو ولد لهما ولد قبل عرض الإسلام علي الآخر أو بعده فإنه يتبع من أسلم منهما إن كان الولد مقيما في دار الإسلام – سواء كان من أسلم من أبويه مقيماً بها أو في غيرها فإن لم يكن الولد مقيما في دار الإسلام فلا يتبع من أسلم من أبويه سواء كان من أسلم من أبويه في دار الإسلام أو في غيرها ، وذلك لأن المعول عليه في الحكم علي الولد بالإسلام تبعاً لمن أسلم من أبويه هو شريعة البلاد التي يكون فيها الولد فمتي كان الولد في بلاد الإسلام وأسلم أحد أبويه حكم عليه هملاً بشريعة البلاد التي هو فيها بإسلامه تبعاً لمن أسلم من أبويه وأما إن كان الولد مقيماً في غير دار الإسلام وأسلم أحد أبويه لم يحكم بإسلامه تبعاً لمن أسلم من أبويه لأن دار غير الإسلام لا تدخل تحت حكم الإسلام فلا يحكم علي من هو مقيم فيها بحكم  شريعة المسلمين انظر المادة (129) من الأحوال الشخصية .
 (ثانياً)  إن تبعية الولد لمن أسلم من أبويه إنما تستمر مدة صغره سواء كان عاقلا أو غير عاقل " فإذا بلغ فإما أن يبلغ عاقلا أو غير عاقل فإن كان الأول انقطعت التبعية وكان الشأن عند ذلك للولد إن شاء بقي مسلماً، وإلا فلا . وإن كان الثاني بأن بلغ غير عاقل فلا تنقطع التبعية بل تستمر إلي أن يعقل انظر المادة (130) من الأحوال الشخصية .
(ثالثاً) في حكم الصغير والصغيرة مدة الحضانة وبعد انتهائها – وهي بالنسبة للغلام تنتهي باستغنائه عن خدمة النساء وذلك إذا بلغ سبع سنين وبالنسبة للصبية تنتهي مدة الحضانة ببلوغها تسع سنين ، فإذا انتهت الحضانة أخذهما الأب من الحاضنة فإن لم يأخذها يجبر علي أخذهما منها فإن لم يكن للولد – ذكرا كان أو أنثي – أب وكان له جد صحيح أخذه الجد ، فإن لم يكن له أب ولا جد يدفع للأقرب من العصبة أو للوصي لو غلاماً ولا تسلم الصبية لغير محرم ، فإن لم يكن عصبة ولا وصي بالنسبة للغلام يترك المحضون عند الحاضنة إلا أن يري القاضي غيرها أولي منها انظر المادة ( 391 ) وذلك لأن الولد مدة إحتياجه لخدمة النساء يسلم لمن هو أقدر علي القيام بلوازمه ، وهن أقاربه من النساء علي الترتيب – فإذا انتهت مدة الحضانة دخل في دور جديد يحتاج فيه إلي الإعداد بما هو مطالب به في المستقبل فيسلم حينئذ إلي من هو أقدر علي القيام به ولذلك كان الحكم الشرعي أن يبقي الولد عند الحاضنة حتي يستغني عن خدمة النساء وقدر ذلك ببلوغه سبع سنين فإن كان مذكرا انتهت مدة حضانته ببلوغه السن المذكور وإن كان مؤنثاً يزاد علي السبع سنتان فتبقي الأنثي عند حاضنتها سنتين . لتدريبها علي الأمور المنزلية التي هي مطالبة بها في المستقبل ومتي انتهت حضانة الولد مذكراً كان أو مؤنثاً علي وجه ما ذكر يسلم إلي الأب حتي إذا لم يطلبه يجبر علي ذلك مراعاة لحق الصغير فإن الولد المذكور بعد بلوغه السن المذكورة وهو سبع سنين يحتاج إلي تعلم ما ينفعه . والأنثي بعد بلوغها تسع سنين تبلغ حد الشهوة وبعد بلوغها حد الشهوة تحتاج إلي الحفظ والصيانة ولا شك أن الأب أقدر علي ذلك إن كان موجوداً فإن لم يكن موجوداً كان الجد هو الأقدر وإن لم يكن الجد موجوداً أيضاً يعطي للأقرب فالأقرب من العصبات علي الترتيب الذي ذكر بالمادة (385) من الأحوال الشخصية .
 (رابعاً) فيمن هو أحق بحضانة الولد ذكرا كان أو أنثي قبل انتهاء مدة الحضانة. الأحق بحضانة الولد مادام في مدة الحضانة ذكرا كان أو أنثي أمه من النسب لا من الرضاع لأنها أكثر الناس حناناً عليه وأشفقهم به فتصبر علي خدمته صبرا لا يتأتي من غيرها ولذلك تراها تسهر لسهره وتجزع لمرضه وتسر بصحته وذلك بمقتضي الفطرة التي فطر الله الناس عليها ولذلك قضي رسول الله r بالحضانة للأم حينما جاءت امرأة إليه وقالت له يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثدي له سقاء وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني فقال لها رسول الله r. أنت أحق به ما لم تتزوجي ولا فرق بين أن تكون زوجية الأم قائمة أو غير قائمة بل المدار علي كونها أهلا للحضانة.انظر المادة (380) فإن لم توجد أم أو وجدت ولكنها فقدت شرطاً من شرائط الحضانة انتقل حق الحضانة إلي أمها ثم أم أمها وإن علت وقد أجمع علي ذلك أصحاب رسول الله r لما روي أن عمر t طلق زوجته جميلة بنت عاصم فتزوجت فأخذ سيدنا عمر ابنه عاصما فأدركته أم جميلة وأخذته فترافعا إلي أبي بكر الصديق t فقال لعمر خل بينه وبينها فإن ريقها خير له من عسل وشهد عندك يا عمر فسلمه لها وكان ذلك بحضور أصحاب رسول الله r فإن لم توجد جدة لأم أو وجدت غير أهل انتقل الحق للجدة من جهة الأب وإن علت ما دامت مستوفية شرائط الحضانة فإن لم توجد جدة لأب أو وجدت غير أهل انتقل حق الحضانة إلي الأخوات وهن أولي من الخالات والعمات لأنهن بنات الأبوين وأولئك بنات الجد والجدات وتقدم الأخت الشقيقة علي الأخت لأم لأنهما قد اشتركا في الأخوة لأم وترجحت الشقيقة بقرابتها من جهة الأب فإن لم توجد شقيقة أهل للحضانة انتقل حق الحضانة للأخت لأم لأنها تشترك مع المحضون في الأم فكانت أقرب للشفقة بالمحضون فإن لم توجد أخت لأم أهل للحضانة انتقل الحق للأخت لأب وهكذا علي الترتيب المنصوص عليه بالمادة (384) من الأحوال الشخصية.
(خامساً) في الشروط التي تشترط في الحاضنة مطلقاً الأول أن تكون حرة لأن الرقيقة مشغولة بخدمة سيدها فلا يمكنها القيام بتربية الولد . الثاني أن تكون بالغة لأن القاصرة محتاجة إلي من يكفلها فلا يمكن أن تكفل غيرها ، الثالث – أن تكون عاقلة لأن المجنونة لا تحفظ الولد بل يخشي عليه منها الهلاك . الرابع – أن تكون أمينة علي المحضون وتربيته بحيث لا يضيع الولد عندها اشتغالها عنه بالخروج إلي ملاهي الفسوق بأن تكون مغنية أو نائحة أو متهتكة تهتكاً يترتب عليه ضياع الولد – الخامس – أن تكون قادرة علي خدمة المحضون فلو كان بها ما يعجزها عن القيام بمصالحه كمرض لم تكن أهلا للحضانة – السادس أن لا تكون مرتدة أي خارجة عن دين الإسلام بعد أن اعتنقته – السابع أن لا تكون متزوجة بغير رحم محرم للمحضون لأن الأجنبي ينظر إليه شرزاً ويبطن الكراهية ويضمر السوء . لأنه يظن أنها تطعمه من ماله وربما اشتد بين أمه وزوجها الخلاف فيترتب علي ذلك ما لا تحمد عقباه . الثامن- أن لا تمسكه الحاضنة في بيت من يبغضه ويكرهه لأن إمساكها إياه عنده يترتب عليه ضرر الولد وضياعه والمقصود من الحاضنة حفظ الولد والقيام بخدمته ولا فرق بين الأم وغيرها من الحاضنات في هذه الشروط إلا أن الشرط الثاني وهو شرط البلوغ إنما هو بالنسبة لغير الأم والجدة لأن الأم أو الجدة لا يعقل أن تكون غير بالغة انظر المادة (382) من الأحوال الشخصية .
(سادساً) اختلاف الدين وأنه لا يمنع من ثبوت حق الحضانة – الحكم الشرعي أن اختلاف الدين لا يؤثر علي حق الحضانة فإذا كان المحضون مسلماً والحاضنة فير مسلمة أما كانت أو غيرها من بقية الحاضنات فلها أن تحضن الولد وتربيه متي كانت أهلا للحضانة ومستوفية شرائطها . المار ذكرها إلا إذا خيف علي الولد بأن يألف ديناً غير الدين الإسلامي بسبب معاشرته لتلك الحاضنة ولا فرق بين أن تكون الحاضنة معتنقة ديناً سماوياً بأن تكون يهودية أو نصرانية أو غير سماوي بأن تكون وثنية أو مجوسية وإنما لم يراع اتحاد الدين في الحضانة لأن مبناها علي الشفقة الطبيعية وهي لا تختلف باختلاف الدين انظر المادة (381) من الأحوال الشخصية.
(سابعاً) فيما يشترط في العصبات الذين يكفلون الولد ويحضنونه إذا لم توجد حاضنات أو جدات ولكن لسن أهلا أو انتهت مدة الحضانة – أن يكون دين العصبة الذي يكفل الولد ودين الولد واحدا فإذا كان الولد الصغير غير مسلم وله عصبة مسلم وغير مسلم فحق الحضانة للعصبة الغير مسلم دون المسلم وكذا إذا كان الصغير مسلماً وله عصبة مسلم وغير مسلم فالمسلم هو الذي له حق الحضانة وإنما اشترط في العصبات اتحاد الدين لأن حق حضانة الولد وضمه بالنسبة إلي العصبات مبني علي استحقاق الإرث ولا إرث مع الاختلاف ديناً فكما لا يرث غير المسلم من المسلم فكذلك لا يحضن غير المسلم المسلم وكما لا يرث المسلم من غير المسلم فكذلك لا يحضن المسلم غير المسلم انظر المادة (385) من الأحوال الشخصية.
(ثامناً) في بيان المحكمة المختصة بنظر الدعاوي التي ترفع بشأن المواد الخمسة المذكورة وأمثالها – ونقول قد علم مما تقدم أنه إذا أسلم أحد الزوجين وكان بينهما ولد صغير أو ولد لهما ولد قبل عرض الإسلام علي الآخر أو بعده فإنه يتبع من أسلم منهما إلي آخر ما نص بالمادة (129)– ومن ذلك يعلم أن الذي أسلم من الزوجين والولد الذي تبعه في الإسلام لا يعدان من طائفة الأقباط الأرثوذكس وقد نصت المادة الأولي من الأمر العالي الصادر في 14 مايو سنة 1883 – 7 رجب سنة 1300 نمر 104 المبين به ترتيب واختصاص مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي أن يشكل مجلس عمومي لجميع الأقباط بالقطر المصري للنظر في كافة مصالحهم الداخلية في إدارة اختصاصه التي ستبين في المواد الآتية دون غيرها ونصت المادة (16) من الأمر العالي المذكور أن من وظائف المجلس المذكور أيضاً النظر فيما يحصل بين أبناء الملة من الدعاوي المتعلقة بالأحوال الشخصية إلي آخر ما بهذه المادة ومما لا شك فيه أن من أسلم من الزوجين والولد الذي يتبعه في الإسلام لم يكن واحدا منهما من أبناء الملة حتي يسوغ للمجلس المذكور النظر فيما يحصل بين كل منهما وبين غيرهما من الدعاوي المتعلقة بالأحوال الشخصية – وقد جاء بالفقرة الثالثة من المادة الثالثة من الأمر العالي المختص بتشكيل مجلس عمومي لطائفة الإنجليين الوطنيين الصادر في أول مارس سنة 1902– 21 من ذي القعدة سنة 1319 نمرة 105 أن الذي يعتبر بصفته إنجيلي وطني يشترط فيه أن يكون إنجيلي الأصل من جهة الأب علي الأقل وأن لا يكون فقد صفته هذه بدخوله عضواً في هيئة دينية أو طائفة غير مسيحية وقد نصت المادة (21) من الأمر العالي المذكور أن المجلس العمومي يختص بسماع وفصل جميع المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية التي تقع بين كنائس إنجيلية أو بين إنجيليين وطنيين وأن هذا الاختصاص لا يتناول أية مادة من المواد التي لا يمكن الفصل فيها إلا بإحضار أشخاص من غير إنجيليين وطنيين أمام المجلس بصفة خصوم في الدعوي ولا شك أن من لوازم الدعوي التي ترفع من المسيحي الإنجيلي علي من أسلم وتبعه الولد في الإسلام أنه لا يمكن الحكم فيها إلا بإحضار ذلك المسلم الذي ليس بإنجيلي أمام المجلس بصفته خصماً في الدعوي وبذلك لا يسوغ لمجلس الطائفة الإنجيلية أن ينظر أي دعوي من الدعاوي التي ترفع من الإنجيلي علي من أسلم (نتيجة) فنخلص مما قدمناه أن الشريعة الإسلامية الغراء التي هي شريعة البلاد تقتضي أن الولد يتبع من أسلم من أبويه في الإسلام مادام صغيراً والمعول عليه إنما هو شريعة البلد الذي يقيم فيه الولد ولذلك قلنا فيما سبق إن الصغير إنما يتبع من أسلم من أبويه إذا كان الصغير مقيماً في دار الإسلام عملا بشريعة البلاد التي هي محل إقامة الولد وإن شريعة البلاد التي فيها الولد تقتضي أن يشترط في العصبة الذي يحضنه اتحاد الدين علي وجه ما سبق وأن كلا من الأمر العالي الصادر بترتيب واختصاص مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي المار ذكره والأمر العالي الصادر بتشكيل مجلس عمومي لطائفة الإنجيليين الوطنيين المار ذكره يقتضي بأنه لا يسوغ لكل من مجلسي الأقباط الأرثوذكس والإنجيليين أن ينظر إلا في الدعاوي التي تكون بين أبناء طائفته فقط ولا يسوغ لواحد منهما أن ينظر أية دعوي ترفع من أبناء طائفته علي أحد من أبناء الطوائف الأخرى مسلمين أو غير مسلمين ومتى كانت شريعة البلاد علي وجه ما ذكر وقوانين الحكومة الخاصة بالمواد الخمسة المذكورة المسئول عنها وأمثالها تقضي بما ذكر فلا محل حينئذ إلي الرجوع إلي المبادئ المقررة في القانون الدولي في مواد الزوجية في حالة تغيير الأحوال الشخصية لأنه مع وجود الأمرين العاليين المشار إليهما المتعلقين بالموضوع نفسه لا معني للرجوع إلي المبادئ المذكورة التي لا علاقة لها بالمواد المذكورة علي أن المبادئ المقررة للقانون الدولي في مواد الزوجية إنما هي في الأشخاص الذين لا يكونون تابعين لحكومة واحدة والأمر هنا ليس كذلك لأن الخصوم هنا كلهم تابعون للحكومة المصرية السلطانية وخاضعون لقوانينها الصادرة منها كما أنه لا محل للرجوع إلي ما قررته الاتفاقات الدولية في مؤتمر لاهاي في  مسائل الزواج أو مسائل الطلاق لما ذكرنا من أن المعول عليه هو شريعة البلاد وقوانين الحكومة المصرية – علي أن ما قررته الاتفاقات الدولية المذكورة إنما يتعلق بالأشخاص التابعين لحكومات متعددة وما يترتب علي الزواج من تغيير جنسية أحد الزوجين ولا علاقة له بموضوعنا وبناء علي ما توضح نري أن الواجب أن يتبع الولد الصغير من أسلم من أبويه في الإسلام متي كان الولد مقيماً في دار الإسلام عملاً بالنصوص التي قدمناها وأن الواجب هو العمل فيما يتعلق بالولد وهو في سن الحضانة بما أوضحناه من النصوص المتعلقة بذلك وفيما يتعلق بحضانة العصبات هو ما أوضحناه أيضاً من النصوص المتعلقة بذلك وأن الواجب في الاختصاص هو العمل بما قضي به الأمران العاليان المشار إليهما خصوصاً وأن العمل كان جارياً علي أن نظر جميع الدعاوي كان مختصاً بالمحاكم الشرعية بلا فرق بين طائفة وطائفة إلي أن صدر الأمران العاليان المشار إليهما فجعل الأمر الأول منهما نظر المواد المتعلقة بأبناء طائفة الأقباط الأرثوذكس علي حسب المبين بالمادة (16) مختصاً بمجلسهم العمومي وجعل الأمر الثاني نظر المواد المتعلقة بالإنجيليين علي حسب المبين بالمادة (21) مختصاً بمجلسهم العمومي أيضاً وعلي ذلك يبقي ما لم ينص عليه بالمادة (16) من لائحة الأقباط الأرثوذكس والمادة (21) من لائحة الإنجليين علي ما كان عليه من اختصاص بالمحاكم الشرعية – هذا ما رأيناه." ([1])


([1])  الفتاوي الإسلامية من دار الإفتاء المصرية – وزارة الأوقاف المصرية – المجلد الأول – القاهرة 1400ه ، 1980 - ص 362 - ( س 16 م 93 ص من 34 : 37 – 22 من المحرم 1327 ه ،  28 من أكتوبر 1918 م )

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال