من مرافعات النيابة العامة




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكرمنا بنور العمل المبدد لظلمات الجهالة ..
وأنقذنا بالوحي والرسل من السقوط في درك الضلالة ..

وجعل الصراط المستقيم بغية دوام النجاة وقصد العدالة ..
فأبان الطريق للسالكين ... 
وأوضح بهديه سبل السعادة للمفلحين ..
وأقام الحجة علي الناس أجمعين :
فاللهم بك أستعين ... وعلمي أن لا إله غيرك ... 
ولا رب سواك ..
واللهم بك أعتصم من الأهواء المردية ... والبدع المضلة ... فما خاب من احتمي بحماك !
وأشهد أن محمدا رسولك ...السراج المزدهر المنير ... لبنة تمام الأنبياء ... ومسك ختامهم ...
ورافع الإصر والأغلال .. جاء بالدين الوسط .. وحذر من الوكس والشطط .. فكان الدليل إلي الغاية التي يرومها العقلاء ..

وبينت رسالته السمحة وجه الحق فيما تتعاوره الأفهام بالجهل تارة ، وتارة لما يعرض لها من الأوهام ..

فكان كما قال سبحانه : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا .. لتكونوا شهداء علي الناس .. ويكون الرسول عليكم شهيدا " صدق الله العظيم 
( البقرة - 143 )

فدين الله وسط أوضح الجافي عنه والغالي فيه ... كالوادي بين جبلين والهدي بين ضلالتين : فلما كان الجافي عنه مضيع له بتقصيره عن الحد ... فالغالي فيه مضيع له بتجاوزه الحد ..
   وقد قال - صلي الله عليه وسلم : " إن هذا الدين يسر ... ولن يشاد الدين أحدا إلا غلبه "  ( رواه البخاري )

    وقال صلوات الله عليه وسلامه " هلك المتنطعون " ... رددها ثلاثا .

قال النووي : " المتنطعون هم المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم " .

كما قال تعالي وقوله الصدق : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "  صدق الله العظيم ( الحجر - 9 )


والإسلام الذي نعرف - سيدي الرئيس - وندين به ...
هو إسلام النقاء والبساطة في العقيدة ..
وإسلام الإخلاص واليسر في العبادة ..
وإسلام الطهارة والإستقامة في الأخلاق ..
وإسلام الإجتهاد والتجديد في الفكر ..
وإسلام العمل والإنتاج للحياة ...
وإسلام التوازن بين الدنيا والآخرة ... والأعتدال بين العقل والقلب ...

فلا جرم وسعت سماحة الإسلام عقائد المتصوفة ... وهم في رحابه الفسيحة ... لا يفارقونها ولا يعتزلون دنياهم حيثما أتوا إليها ..

" قل لا يستوي الخبيث والطيب ول أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون " صدق الله العظيم ( المائدة - 100 )
[ فن المرافعة  أمام المحاكم الجنائية - د/ حامد الشريف  - دار الفكر الجامعي - ص 124 ]

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال