حضانة الفاسقة وغير المسلمة



حضانة الفاسقة وغير المسلمة
الولد المسلم إنما يحضنه من لا يخشي عليه منه لا في شخصه ولا في دينه ولا في خلقه وسلوكه ، فقد جاء بأحدي الفتاوى لفضيلة المفتي الشيخ عبد المجيد سليم حينما سئُل عن " امرأة مسيحية عاشرت زوجها 18 سنة ثم أغواها شخص مسيحي آخر متزوج وله أولاد فتركت زوجها وأولادها وهو أيضاً ترك زوجته وأولاده ورحل الاثنان إلي منطقة أخري حيث اعتنقا دين الإسلام – تبرر هذه الزوجة مسلكها بأنها كانت تتاجر بعرضها ثم سئمت حالتها وتعترف بأن زوجها كان يدري بمسلكها الشائن وتغاضي عنه طمعاً في المال لذلك لجأت للشخص الثاني . وأما زوجها فيتهمها بتهم شائنة يشهد علي صحتها ابنه منها وكثير من الجيران وثبت ذلك رسمياً من الشهود ومن اعترافاتها ولهذه المرأة ابنة قاصرة في السابعة من عمرها ومن الغريب أن لهذه الزوجة والدة وإخوة يشار إليهم بالبنان من حيث أخلاقهم السامية وقدرتهم ، هذا ، مع أن أمها وإخوتها مسيحيون ثلاثة ، لذلك ما الرأي في حضانة هذه الابنة القاصرة ؟ هل يصح حضانة الأم مع اعترافها رسمياً بمسلكها الخطر علي الأخلاق ومع شهادة شهود كثيرين بذلك وهل تصح حضانة الأب مع اتهام الأم له بأنه كان يتغاضي عنها أم لا تصح لكل منهما ولمن تكون الحضانة هل هي لجدتها وأخواتها علماً بأن هذه الزوجة مازالت تتردي في مهاوي الرذيلة ، ويخشي علي الطفلة منها ؟" فأجاب فضيلته بالأتي "اطلعنا علي هذا السؤال ونفيد أولا أن البنت المذكورة تعتبر شرعاً مسلمة تبعاً لإسلام أمها وثانياً أن فقهاء الحنفية قد نصوا علي أن الحاضنة إذا كانت فاسقة فسقاً يلزم منه ضياع الولد عندها سقط حقها وإلا فهي أحق به ما لم يعقل فينزع من يدها كالكتابية (يراجع رد المحتار في أول باب الحضانة) والظاهر أن يقدر تعقله ما تفعله الأم بسبع سنين كما قدر ذلك في الكتابية كما أنه من الظاهر أن محل بقائه في يد الحاضنة الفاجرة إذا لم يلزم منه ضياع ولم يكن قد بلغ من العمر سبع شنين ما إذا لم يخش عليه أن يعتاد تناول ما تتناوله الأم من مأكول أو مشروب محرم فإن خشي عليه ذلك ينزع منها وإن لم يبلغ سبع سنين والخلاصة أن الأم أحق بالولد ذكرا كان أو أنثي ما لم تكن فاجرة فجورا يلزم منه ضياع الولد أو كان يعقل ما تفعله الأم من الفجور بأن كان سنه سبع سنوات أو خيف أن يألف تناول ما تتناوله من مشروب أو مأكول محرم ، ثالثاً : قد نص الفقهاء أيضاً علي أن الحاضنة غير المسلمة أحق بالولد المسلم ما لم يعقل الأديان بأن كان سنه سبع سنوات ولم يخف عليه أن يألف عقائد وعادات غير المسلمين فإن بلغ سنه سبع سنوات أو خشي عليه ما ذكر لم يكن للحاضنة غير المسلمة حق في حضانته حينئذ وكان الأمر في حفظه مفوضاً لرأي القاضي ما لم توجد حاضنة لا يترتب علي حضانتها إياه شئ مما ذكر فصار الحاصل أن الولد المسلم إنما يحضنه من لا يخشي عليه منه لا في شخصه ولا في دينه ولا في خلقه وسلوكه ، وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر والله أعلم." ([1])


([1])  الفتاوي الإسلامية من دار الإفتاء المصرية – وزارة الأوقاف المصرية – المجلد الثاني – القاهرة 1400ه ، 1980 - ص 397 - ( س 45 م 146 التاريخ 11 صفر 1357 ه ، إبريل 1938 م )

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال